About Author

الكاتب من مواليد محافظة أسوان- مدينة إدفـــــو بجمهورية مصر العربية حاصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ والدراسات الأفريقية ثم دبلوم عام الدراسات العليا فى التربية يليه دبلوم خاص الدراسات العــليا في التربية ثم الماجستير فى تاريخ التربية ثم الدكتوراة المهنية فى ذات المجال فضلا عن الدكتوراة الفخرية من جامعة ديليفورد الأمريكية الدولية الخاصة فى التاريخ والأدب برقم 3843 ثم الشهادة العُليا السامية من الإتحاد الدولى للكُتّاب العرب برقم 20230105011 بتاريخ5-1-2023، فائز بشخصية العام الثقافية لعام 2022م-1444هـ من مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع بالقاهرة. عمل موجها مركزيا للتاريخ بالمرحلة الثانوية بأسوان، ثم رئيس قسم الدراسات الإجتماعية والتاريخ بإدارة إدفـو التعليمية ثم بالمعاش ومن ثم مؤلف وكاتب : رئيس قسم الأدب العالمى بمجلة النيل والفرات الورقية الأليكترونية بمصـــــــــــر ( تطوعا) ومؤلف سبعة وعشرون كتابا فى التاريخ والتراث الإسلامى منهما كتابا في التاريخ الفرعونى باللغة الإنجليزية وكاتب مقالات على مدونته " الشروق الإدفــوى" وما يستجد غيض من فيض.

أحدث المقالات
مارس ٢٦, ٢٠٢٣, ١:٥٧ ص - Hala H E
مارس ٢٥, ٢٠٢٣, ٨:٥٠ م - HICHAM818
مارس ٢٥, ٢٠٢٣, ٢:٣٦ م - Thanaa
مارس ٢٥, ٢٠٢٣, ١٢:٥٨ م - د. محمد فتحى محمد فوزى

الرحيل

أقبلت جحافل النور بقضها وقضيضها فانتصرت على جيوش الظلام وبددت عتمته فأشرقت الشمس بنور ربها وبرزت فى وسط الأفق القريب نافـذة إلى الدُور والمساكن والوجود، واستيقظ "بخيت" من سُباته مادا يده ليقبض على منبه الوقت، ناظرا كم الساعة للنهوض بقضاء مستلزماته الصباحية، ثم يخرج للذهاب إلى المشرفين.

ترجيح أيهما يسافر

على القوارب لمعرفة طلباتهم أو إحدى السفارات الأوروبية للإستفسار عن الحصول على تأشيرة الدول وكيف السبيل إليها، فرسى على مقابلة مشرفي التهجير بالقوارب واتجه إليهم وهناك التقي بأحدهم فطلب منه مبلغا من المال كرسوم للخروج فضلا عن تصوير وثيقة سفره لعمل الإجراءات، فوافق" بخيت" وأبلغه أنه سيصور جوازه ثم يعود في اليوم التالي لدفع الرسوم المطلوبة فأومأ له بالاستحسان.

رُب ضارة نافعة

وفى غرفة قريبة من مكتب المشرف بها ماكينة تصوير صوَّره وبعـد استلامه الصورةدلف مسرعا للخارج ناسيا وثيقته فى ماكينة التصوير وذهب لمتابعة عمله اليومى وفجأة تذكر نسيانه للوثيقة، ولكن أين؟! ..لا يدرى فى زحمة عمله.

فشرع يسترجع الأماكن التي تردد عليها، لعل وعسى يتذكر مفقوده إلى أن هداه بحثه الفكري، على أنه ترك جوازه فى ماكينة التصوير ولم يستلمه. 

حديث السوء المصادف

 استراح قليلا من دوامة فكره وترك مكتبه إلى مشرف الهجرة لإسترداده وأثناء دخوله المكان إلتقط متخفيا مسترقا للسمـــع حديثا يدور بين مشرف التهجير وأحد أصدقائه بأن هذه الهجرات المقصود بها تجميع المال من الراغبين فى المُقامرة ليس إلا !

وأنهم يعلمون أن لا طائل من هذه السفريات سوي الفجيعة فى أولائك المسافـرين عبر البحر لأن البحر عميق، وليس له قرار والزاد قليل، والأمواج المتلاطمة تتقاذف القوارب بين مد وجذر، والرياح تقلبها وسط صراخ واستغاثات المُهَجِّرين ولاحياة لمن تنادى.

وأنهــم يأخـــذون الأموال المُحصّلة للإنفاق منها ببذخ على ملذاتهم وسهراتهم وأطايبهم في الخفاء، وشرعا يُقهقها بصوت مسموع إستخفافا لما يحدث.

النخب الزائف

وما سيحدث دون أدنى شفقة أو عطف موصوفين بأنهما مكشرين عن أنيابهم يغرسونها فى أجساد المهموين الذين ليس لهم ذنب ســـــوى التنقيب عــن حياة أفضل.

 ليمتصوا دمائهم الحمراء التى يتخيلونها نخب انتصارهم الذائف؛ فلـــم يظهر لهما "بخيت" ولم يتقابل مع المشرف وأسرَّ ما أنصت إليه فى نفسه  خيفة،متوجها لغرفة التصوير لاسترداد جوازه المنسى ، فسأل الموظف المسئول فطمأنه أن جوازه موجود لحين الإتيان واسترداده، فاختطفه منه ومرق عائدا من حيث أتي ضامرا عـدم العودة.

لهذه الشركة المُدلِّسة نظرا لما نما إلى أذنيه من المحادثة إياها وتذكر قول صديقه الحكيم بأن هذه الشركات غير مأمونة المخاطر وعواقبها وخيمة وكأن الله أراد أن يسمعه بنفسه إجراءات النصب ليثيبه إلى رشده ويثنيه عن عزمه حال أنساه جوازه وعودته إليه لينصت لما دار صدفة، وتردد صوت أمه ودعواتها له فى أرجاء مخيلته.

 وهواتفها تعـلو تارة وتخفت أخرى بقولها: "وتقدرون وتضحك الأقدار – يكفيك شر طريقك يا إبنى وشر النصابين والمُدلَّسين"  وصدى صوتها يتجاوب فى المكان"، مما يذكرنى ببيت شعـر يقول:

تَقِفونَ وَالفُلكُ المُسَخَّرُ دائِرٌ * *وَتُقَدِّرونَ فَتَضحَكُ الأَقدارُ

الوجود دؤوب فى سيره:

 فشعـر أن دعوات أمه تسنده فلماذا نقف في حياتنا محلك سر والحياة دؤوبة الدوران، ورماه طريقه لإحدى السفارات وقدم طلبه  للحصول على تأشيرة السفر ، فأعلموه أنه فى غضون أسبوع أو أسبوعين بالكثير سيردون عليه وإذا لم يردوا فيعلم أن طلبه رُفض ولن يسترجع مادفعه من رسوم.

فخرج مطأطئا رأسه مرددا في نفسه وليفعل الله مايريد متجها إلى منزله وقد توسطت الشمس كبد السماء ومرت الأيام وتعاقبت الليالى و"بخيت" ينتظر الرد فقد ثاب رشده، ونبذ الهجرة عن طريق القوارب بتقديم طلبه للسفارة، وجاءه الرد بالموافقة وعليه مراجعة السفارة لإتمام إجراءاته وختم جوازه  للمغادرة.

الحياة ترقص:

فتحرك "بخيت" إستجابة لما طُلب منه فــى إحدى الصباحيات والشمس تتلألأ نورا والعصافير تغنى وتغرد بشقشقاتها المعهودة وكأنها مسرورة لِما يحدث، وكيف لا وهو الذى يسعى لتحسين دخله ومستقبله وسلوك المسلك الحلال للوصول إليه، وفى السفارة بعد طلبات ومداولات وصعود للسلالم والهبوط منها ومن مكتب إلى مكتب يحصل على جوازه مختوما كتصــريح للسفر من ميناء جوى أو بحرى أو برى.

وعاد لمنزله فرحا مجبورا رافعا وثيقته لأعلى يرفع قدما ويخفض الأخرى بطريقة راقصة، ثم يطرق الباب طرقات موسيقية هادئة إلى أن فتحت له أمه الباب، فارتمي فى حضنها الدافىء طالبا منها تهنئته ثم دلفا إلى صالة المنزل.

فتجاوبت معه الأم مسرورة قائلة له: "أخيرا إستراح قلبى لهذه السفرية بعيدا عن المغامرات والمقامرات فالسفر الشرعى أفضل مما هو من وراء الكواليس، أُوبارِكك وأهُنئك يا بُني، فقد استراح قلبى الآن وسافـِر على بركة الله وكما قلت لك مُسبقا معى من سيقف بجواري بعـد ربنا  فمعي أخواتي وأبنائهم، وذلك إلى أن تستقر حالتك فى البلد المسافر لها وترسل مساعداتك لي".

 وأخذ "بخيت" يُجهز متطلبات سفره  وملحقاته وحقيبته التي تكفيه ناويا المرور على ديرته فى الريف ليسألهم الدعاء وتوصية الإهتمام بأمه لحين تحسن الظروف وإقتراض مبلغا من خاليه وعمه فضلا عما معه لحين ميسرة لمسايرة الحياة الجديدة فى مزارع الكروم بأوروبا وفعلا أخذ مايرضيه من مال فى حدود المستطاع وضمن مواثيق الإهتمام بأمه.

 المجذوب وبخيت

 وأثناء سير بخيت بإحدى الحقول مع خاليه رأى مجذوبا صوفيا يجرى إليه وسط الحقول وعبر النخيل بين مزارع القصب يلوح  له بيده ممسكا بعصاه المحدوبة يسيل لعابه من شدقيه على صدره وعندما التقاه مد راحة يده لـ" بخيت" وهو يقول له إعطنى "دِش"، إعطــنى  " دِش".

فضحك الخال وترجم لــه معــنى الكلمة يعــنى إعطه "قرش" فهو لا يصرفه ولكن هى عادته مع الجميع، فأخرج قرشا من جيبه وأعطاه له فأخذه الدرويش المجذوب ودعا له بالستر وأنبأه أن أُمه مستورة بفضل الله مخاطبا له "نُــح، نُـــح" بمعني رُح، إذهب سافـر تصحبك السلامة، فتبسم "بخيت" من طيبة قلب ذلك الأبله وتوسط خاليه واضعا ساعديه على منكبيهما وسط الحقول الزاهية والمياه الجارية راضيا بما تشاء به الأقدار.

التعليقات
د. محمد فتحى محمد فوزى - يناير ٣١, ٢٠٢٣, ٤:٤٣ م - إضافة رد

شكرا للأخ العزيز الآدمن وفريق ديفلانسر المتميز وكُتابه الرائعون والشكر موصول لقرائنا المثقفين ومطالعاتهم الراقية تحياتى

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق
د. محمد فتحى محمد فوزى - فبراير ٢, ٢٠٢٣, ١٢:٢٧ ص - إضافة رد

شكرا جزيلا

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

مقالات ذات صلة