About Author
Ismail Ellmoustpha
1 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات
Author Popular Articles
فبراير ٢٢, ٢٠٢٣, ٥:١٢ م - Ismail Ellmoustpha - 17

الحنين إلى التاريخ

عبر ظلمة الليل الفاخرة، على سراط الحياة والموت، تحت نظرات النجوم الساهرة وأصوات الحيوانات العاشقة لدجى الليالي، إنه مشهد متكرر هنا في غابة الحياة الممطرة بذكريات المجد.

خرج إبراهيم بعد أن شرب قدحا من البن البارد لحظات قبل أن يشد على جمله مستطيل الشكل متوسط الحجم، تتحرك الرياح الصحراوية بقوة على أهداب الجمل الذي تباطأت حركة أقدامه بعد أن أثقل من الشراب، أخرج إبراهيم سرة النشوق من جيبه ومسح أنفه الضخم الذي مال على شكل هلال حديث الميلاد لم يكمل ليلتين في الفضاء، استنشق منها حتى احمرت عيناه وتغرغرت ثم نفخ عكس تيار الرياح، لقد تذكر حكاية من التاريخ نثرتها جدته خديجة ذات يوم قرب متراصة ابن عميرة، لقد اشعلت فيه تاريخ المنطقة جعلته يحن إلى زمن لم يعشه، لم تكن روايتها ضعيفة المصدر بل كانت قوية تتحدث عن مدينة الحجارة، مدينة ناطقة بالتاريخ والشواهد لكن أهلها أهملوها.

لم يعد اليوم هنالك من يتحدث عن ذلك الحصن الذي تحصن فيه المرابطون إبان بداية دولتهم التي ولدت على هذه الرمال القاحلة، هل كان ابن ياسين ومن تبعه من قبائل الصحراء داخل أرض الملثمين يتصورون أن تنسى حواضرهم وتدفن وهي تاريخ شاهد على حقبة نفوذ سياسي وديني؟

فاق إبراهيم من ذكرياته وهو على تلال ذلك الحصن الذي كتب على حجارته "إنهم لا يهتمون بي"، صعدت موجات مغناطسية من التباكي على الأطلال إلى قلبه الذي أفرز حنين الجغرافيا إلى التاريخ، تساءل إبراهيم بعد أن كور عمامته ثلاثا هل التاريخ يعيد نفسه؟ 

اشتدت الحرارة قرب مدينة الحجارة أضحى المشهد أشبه بتلك القوافل التي كانت تسلك مسلك تجارة الصحراء، قوافل الملح المتجهة إلى أدواغست وكومبي صالح، وكانت الشمس قد اتخذت مكانها في كبد السماء نضخ العرق عبر سيقان الجمل الطويلة.

سلك إبراهيم سبيله يمشي على استحياء تعظيما للمكان باحثا عن ظل إحدى نخيل المدينة تصور كلمات صاحب المسالك والمالك حين تحدث عن عشرين ألف نخلة كانت هنا ذات يوم، رغى الجمل خمسا كأنه يقضي فائتة من نوافل السفر.

جلس إبراهيم إلى ظل نخلة غير سلوان تشتكي من تقلبات المناخ فالأرض منذ سنوات بدون أمطار تذكر لقد قتل الجفاف الحياة لا شيء بقي صامدا إلا مدينة الحجارة فهي التاريخ والجغرافيا، تحول المشهد إلى تفكير أنثروبولوجي، دراسة قريبة لفلسفة أرسطو ومعلمه لم يكن دماغه قادرا على تحمل كل تلك الضغوطات، اتكأ بعد أن أحس أنه عاجز عن حل لغز هذه المدينة.

استيقظ بعد أن مال الظل إلى الشمال الشرقي، ضرب كلتا يديه في التراب على قلتها وصلى العصر ، أوقد النار تحت إبريقه الأخضر وأخرج من جيب "سرواله" الأسود بعض الفول السوداني وبدأت أسنانه الضخمة عملية المدق، مع ظلمة الليل واصل سيره تحت أضواء النجوم الساهرة، لقد تعمل كيف يستفيد من مواقع النجوم لمعرفة طريقه سار الليلة مع حرارة تشرين (أكتوبر) رأى في جهة الشرق برقا بضوء خافة، لديه تجربة سابقة في متابعة الأمطار ، تقدمت الدقائق مسرعة على تلك الحجارة حتى تنفس الصبح مطرا غزيرا.

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

مقالات ذات صلة