الترجيح السادس : من سورة النحل صـ 104 الآية العاشرة:
"هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً ۖ لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ"، معنى الآية والله أعلم الذى أنعم عليكم هذه النعم وخلق لكم الأنعام والخيل وسائر البهائم لمنافعكم هو الذى أنزل من السماء ماء أى مطراً لكم منه أى من ذلك الماء شراب أى تشربونه ومنه شجر ومنه شرب أشجاركم وحياة غروسكم ونباتها فيه تسيمون أى فى الشجر الذى ينبت من الماء ومعنى تسيمون ترعون يقال منه أسام فلان إبله يسمها أسامة إذا رعاها وسومها أيضا يسومها تسويما وسامت هى تسوم سوما إذا رعت.
قال أبو إسحاق وكل ماينبت على الأرض فهو شجر واحتج بقول الشاعر:يعلفها اللحم إذا عف الشجر *** والخيل فى إطعامها اللحم الضرر
يعنى أنهم يسقون الخيل اللبن إذا أجدبت الأرض وقولنا تسيمون ترعون جماعة أهل التفسير منهم ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة وعبد الرحمن بن اندى وابن زيد.
الترجيح السابع: صـ 106 الآية الرابعة عشر:
"وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوامنفضله ولعلكم تشكرون"، هو الذى سخر البحر وهو كل نهر ملحا كان ماؤه أو عذبا لتأكلوا منه لحما طريا وهو السمك الذى يصاد منه وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وهو اللؤلؤ وروى سعيد عن قتادة لتأكلوا منه لحما طريا قال منهما جميعا يعنى حيتان البحر تستخرجوا منه حلية تلبسونها قال هذا اللؤلؤ وقال اسماعيل ابن عبد الملك، قال جاء رجل إلى أبى جعفر فقال هل فى حلى النساء حلقة قال لا هو كما قال إنه حلية تلبسونها وترى الفلك أى السفن مواخر فيه وهى جمع ماخرة، واختلف فى معنى قوله مواخر فروى عن الحسن أنه قال: قال المواخر المراقد، وقال عكرمة ما احد عن يمين السفينة ويسارها من الماء وهو المواخر وروى اسماعيل عن أبى صالح مواخر قال تجرى فى الماء معترضة وروى ابن أبى نجيح عن مجاهد وترى الفلك مواخر فيه قال مخرالسفن الرياح ولا تمخر الريح من السفن إلا الفلك العظيم وروى سعيد عن قتادة وترى الفلك مواخر فيه تجرى بريح واحدة مقبلة ومدبرة وقال العتبى ما حرف حوار وقال الضحاك تذهب وتجىء مخرا، قال أبو بكر والمخرف ى اللغة الشق
يقال مخرت السفينة تمخر وتمخر إذا سقت الماء وسمعت لها صوتا وذلك عند هبوب الريح ومخر الأرض إنما هو شق الماء إياها، قال الفرا إذا سمعت لها صوتا ويقال امتخرت الريح إذا نظرت من أين هبوبها وتسمعت صوت هبوبها ومنه قول واصل مولى بن عيينه كان يقول: إذا أراد أحدكم البول فليمتخر الريح، يريد بذلك لينظر الريح من أين مجراها وهبوبها ليستدبرها فلا يرجع عليه البول ويرده عليه.
الترجيح الثامن: صـ 106 الآية السادسة عشر:
"وَعَلَامَاتٍۚوَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ"، منها ما يكون علامات وما يهتدون به وروى سعيد عن قتادة وعلامات وبالنجم هم يهتدون والعلامات النجوم وإن الله تبارك وتعالى إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصلات جعلها زينة للسماء وجعلها تهتدى بها وجعلها رجوما للشياطين فمن تعالى فيها غير ذلك فقد سفه رأيه وأخطا خطه وأضا نصيبه وتكلف ما لا علم له به، وقال آخرون عنى بها الجبال روى ذلك محمد إبن نور عن معمر عن الكلبى قال أبو بكر وأولى ذلك عندى بالصواب والله أعلم.
الذى عليه أهل التفسير واللغة سواها أن النجم بمعنى النجوم وقطع القارى على قول يعقوب وترى الفلك مواخر فيه فهذا الوقف الكاف، قال أبو بكر وقول يعقوب هذا يجوز على ان تضم لام كى وفعلا محذوفا وهو ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون فعل ذلك أو ماأشبه ذلك من التقديرات.
الترجيح التاسع: صـ 108 الآية الخامسة والعشرون:
"لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِۙوَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍۗأَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ"، روى إبن أبى نجيح عن محمد للحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار من أضلوا قال يحملون ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ولا يخفف ذلك عن من اطاعهم من العذاب شيئا وكذا روى عن ابن عباس قال يحملون ذنوبهم قال وذلك وذلك مثل قوله وأثقالا مع أثقالهم قال يحملون مع ذنوبهم ذنوب الذين يضلونهم بغير علم، قال أبو بكر ويصدق ذلك ما روى عبد الله بن أبى جعفر عن أبيه عن الربيع ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع كان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شىء وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص أجورهم شيء.
الترجيح العاشر: صـ 110 الآية السابعة والعشرون:
"ثم يوم القيامة يخزيهم ويقولأينشركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين"، قوله تشاقون فيهم قال ابن عباس تخالفونى وقال غيره تحاربون فيهم وأصله من شاققت فلانا فهو يشاقنى وذلك إذا فعل كل واحد منهما بصاحبه ما يشق عليه، وقوله جل وعز شركائى حكاية لقولهم والله لا شريك له اى الذين فى دعواهم أين شركائى قال الذين أوتوا العلم أن الخزى اليوم والسوء أى الذل والهوان، والسوء يعنى عذاب الله على الكافرين.
وقال أبو بكر وليس قطع القارى على قوله الكافرين إن جعلت الذين تتوفاهم الملايكة نعتا للكافرين وإن قعدت الذين فى موضعرفع بإضمار مبتدأ جاز يقف على ما قبله والتمام عند الأخفش ما كنا نعمل من سوء وهو قول أبى حاتم وأحمد بن جعفر وعندنافع من سوء بلى ثم والأول أولى عند أبى جعفر لأنه قد انقضى كلامهم، ثم قال عز وجل ردا عليهم بلى أن الله عليم بما كنتم تعملون قرأ حمزة الذين تتوفاهم الملائكة بالياء فى الموضعين على تنكير الجمع والباقون بالتاء على التأنيث
الترجيح 11 صـ 113 الآية السابعة وثلاثون:
"إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن يُضِلُّ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ"، روى عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ فإن الله لا يهدى من يضل بضم الياء من يهدى وكسر الدال، فأما قراءة نافع ومن وافقه فمعناها من أضله الله فلا هادى له وأما قراءة الكوفيين فإن الله لا يهدى من يضل ففيها تقديران: أحدهما ما رواه أبو عبيدة عن الفرا أنه قال يقال هدى يهدى بمعنى هدى يهدى قال كما قرى من لا يهدى الا أن يهدى بمعنى يهتدى، قال أبو عبيد ولا نعلم أحدا روى هذا غير الفرا وليس بمتهم فيما يحكيه، والقول الثانى أن معناها فإن الله لا يهدى من أضله أى من أضله الله فإنه لا يهديه، قال أبو جعفر وحكى عن محمد بن يزيد قال كان بمعنى لا يهدى من يضل من علم ذلك منه وسبق له ذلك عنده، قال ولا يكون نهدى بمعنى يهدى إلا أن يكون نهدى أو يهدى ومعنى الآية... والله أعلم إن تحرص يا محمد على هدى هؤلاء المشركين إلى الإيمان بالله فإن من أضله الله منهم فلا هادى له وما لهم من ناصرين ينصرهم من الله إذا أراد عقوبتهم ووقف القارى على قوله فإن الله لا يهدى من يضل تمام عند أحمد بن موسى وعند غيره وما لهم من ناصرين.
الترجيح 12: صـ113 الآية الثامنة والثلاثين:
"وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"، قال أبو بكر المعنى والله أعلم وحلف هؤلاء المشركون من قريش بالله جهد حلفهم لا يبعث الله من يموت بعد مماته وكذبوا وابطلوا فى أيمانهم التى حلفوا بها بلى سيبعث الله من يموت بعد مماته وعدا عليه حقا أن يبعثهم أى وعد عباده والله لا يخلف الميعاد ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولكن أكثر قريش لا يعلمون وعد الله عباده بأنه باعثهم يوم القيامة بعد مماتهم أحياء، وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت تكذيبا به من الله والناس صاروا فى البعث فرقتين فمكذب ومصدق.
قال أبو بكر ونصب قوله وعدا عليه حقا لأنه مصدر، وروى عن الكسائى والفرا أنهم قالوا ولو قيل وعد عليه حق بالرفع لكان صوابا أى ذلك وعد عليه حق واختلف فى قطع القارى من هذه الآية فروى عن الأخفش وأبى حاتم وأحمد بن جعفر أن التمام عند قوله لا يبعث الله من يموت، وروى عن أبى عبد الله ونافع أن التمام عند بلى وذكرابو جعفر أن الأولى لا يبعث الله من يموت لثلاث جهات أحداهن أنه قد انقضى كلامهم والجهة الأخرى ما رويناه عن أبى هريرة"وروى إبن جريج عن عطاء بن أبى رباح أنه أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال الله عز وجل سبنى بنى آدم ولم يكن ينبغى له أن يسبنى كذبنى ولم يكن ينبغى له أن يكذبنى، فأما تكذيبه إياى فقال واقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت، قال قلت بلى وعدا عليه حقا، وأما سبه إياى فقتال أن الله ثالث ثلاثة وقلت قل هو الله أحد إلى آخر السورة"
الحهة الثالثة أن بلى ليس بكاف ولا تمام وكذا وعدا عليه حقا وكذا ولكن أكثر الناس لا يعلمون، قال لأن المعنى عند أهل التفسير بلى يبعث الله الرسل ليبين لهم الذى يختلفون فيه.
أما قوله جل وعز لبين لهم الذى يختلفون فيه لام كى وفى المعنى الذى بنى متعلقة بتقديران أحدهما ويكون المعنى بل يبعثهم ليبين لهم وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين والقول الآخر أن تكون متعلقة بقوله ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا ليبين لهم اختلافهم وأنهم كانوا من قبله على ضلال، وقال محمد بن جرير المعنى بلى ليبين لهم الله من يموت وعدا عليه حقا ليبين لهم الذى يزعمو أن الله لا يبعث من يموت ولغيرهم الذى يختلفون فيه من أحيا الله خلقه بعد مماتهم وليعلم الذين جحدوا صحة ذلك وأنكروا حقيقته أنهم كانوا كاذبين فى قولهم لا يبعث الله من يموت، روى سعيد عن قتادة ليبين لهم الذى يختلفون فيه قال الناس عامة.
الترجيح13: صـ 114الآية أربعـين:
"إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون"، قرأ إبن عامر والكسائى وابن محيصن فيكون بالنصب وفى يسّ أن يقول له كن فيكون مثله فأما من قراأ بالرفع فهو أن يكون قوله كلاما عند سيبويه لأن المعنى عنده فهو يكون فيكون الفعل مستأنفا منقطعا مما قبله.
كما قال الشاعر: يريد أن يعربه فيعجمه اى فإذا هو يعجمه، ومن قرأ بالنصب ففى قراءته تقديران ذكرهما أبو إسحق، أحدهما أن يكون قوله فيكون عطفا على أن يقول ويكون المعنى أن يقول فيكون أو يكون التقدير ما قولنا لشىء إذا أردناه إلا أن نقول رله كن فيكون والتقدير الآخر أن يكون جوابا لقوله كن وهذا القول الثانى من قول أبى أساق قول محال لأنه إخبار ولا يجوز فيه الجواب كما تقول أنا أقول لعمر إمض فيجلس أو فيمضى ولا معنى للجواب ها هنا وإنما الجواب أن يقول إمض فأكرمك ومثل الأول فلا تكفر فيتعلمون وإنما الجواب لا تكفر فتدخل النار وقطع القارى على قوله كن تمام على قراءة نافع ومن وافقه على قراءة الكسائى التمام على فيكون.
المراجع:
يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق