About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

ما الذي يمنع الآلة من تعويض المعلم في الفصل الدراسي؟

منذ خروج الإنسان من وظيفة الاستهلاك الأعمى والطفولي للموارد البيئية وظهور الآلة كمنافس ودي للإنسان، اندثرت مهن وظهرت أخرى، أو على الأقل اقتصر فيها دور اليد على التسيير والمعاينة. وبالنظر لما حققته الآلة في المائة سنة الماضية، فقد استفادت مهنة التعليم هي الأخرى من هذه النقلة الكبيرة في تكنولوجيا المعلوميات، ووفرت للأستاذ عدداً كبيرا من الميزات الحديثة للتعامل مع كافة المكونات البيداغوجية، وساهمت في فتح خيارات جديدة كالتعليم عن بعد واستعمال الوسائل الرقمية المختلفة في الفصل، فما هي حدود هذا الغزو التكنولوجي لمهنة التعليم؟ وهل بمقدوره تعويض المدرس؟

من المعلوم أن مهمة المعلم في فصله لا تقتصر على تلقين الطلاب المعارف وشحنهم بأكبر عدد من المعلومات لكي يعاد اجترارها لاحقاً يوم الاختبار، مهنته تستوجب منه فهم الدوافع والمحفزات الحقيقة للطلاب، بالإضافة للمصاحبة النفسية والدعم الاجتماعي ومسايرة التطور الطبيعي لعملية التعلم، وهذا بالتحديد ما ليس باستطاعة الآلة فعله، لأنها تفتقر للوعي البشري المشترك.

المعلم البشري لا يمارس مهنة التدريس فقط عن طريق نقل أكبر عدد من المعارف من خلال التحدث والشرح والكتابة والتمارين. لغة الجسد، الإيحاءات، تعابير الوجه، الذكاء العاطفي، كل هذه القدرات الإنسانية لها حصة الأسد من عملية التواصل، ما يصطلح عليه باللغة الفرنسية (la communication non verbale).

أي عملية تربوية وتعليمية لا تجعل من عملية التواصل الركن الأول والأخير والمحرك الرئيسي للتبادلات بين الملقي والمتلقي، لا يمكن لها بأي شكل من الأشكال أن تصيب الأهداف التربوية المخطط لها والتي يفترض منها تحقيقها .

تعدد الطلاب في الفصل يطرح مشكلة تباين مستويات الذكاء وتنوع طرق الاستهداف المعرفي، وهو الشيء الذي تعالجه "بيداغوجيا الفوارق" التي تتطلب أخذ الاختلاف بين المتلقين بعين الاعتبار .

الاختبارات بدورها يبرمجها المعلم انطلاقاً من تحليله لمدى استجابة التلاميذ للوضعيات المختلفة من الدرس، وتحديد مكامن الضعف والقوة لديهم، كل على حدة ليأتي الاختبار ككشف لهذه العثرات عن طريق تحليل الأخطاء وفهم أسبابها ومحاولة التعجيل بحلها.

مشكلة الآلة أنها خاضعة لبرمجة أحادية المنظور ومحدودة الإعدادات، لا تستوعب الأهداف الحقيقية للدرس ولا تهتم للعامل النفسي والسياق السوسيو ثقافي للمستهدفين .

لا شك في أن الابتكار العلمي لا حدود وأنه مستمر استمرار الأيام، لكنها ستبقى وللأبد حبيسة التقيد والبرمجة والاستجابة العمياء، ولن تصل لمستوى الإدراك والوعي البشري لأنه هو من أوجدها من الأساس وجاد عليها بما يستطيع.

 

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

مقالات ذات صلة