About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

الانغماس اللغوي: الوصفة السحرية لتعلم اللغات

تعلم لغة جديدة يعني استكشاف ثقافة وأسلوب عيش آخر غير الذي نشأت فيه، ووضع منطلق موضوعي للمقارنة والاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى وإعادة صياغتها بالطريقة التي تتلاءم مع ثقافتك الأم. ما هو الانغماس اللغوي وكيف يسرع ويضفي الجودة والفعالية على تعلم اللغة؟

 

الطرق التقليدية في تعلم اللغات صارت متجاوزة وأبانت عن فشلها في تكريس اللغة كمكسب لغوي ثقافي جديد. تعلم كل مواد اللغة والتوفيق بينها بطرق بدائية هو أكبر هدر للجهد والوقت والمال، لأن كثرة هذه المواد وتداخلها يجعل من مهمة الاستيعاب والفهم -خصوصاً أننا نتحدث عن لغة أجنبية- أمراً في غاية التعقيد، فما الحل إذن؟

 

الانغماس اللغوي يعني حرفياً شجاعة الاندماج في لغة لا تفهمها على الإطلاق، تماماً كما يفعل الطفل، فالطفل في صغره لا يحفظ القواعد اللغوية والنحوية، بل يحفظ أكبر عدد ممكن من الكلمات ومرادفاتها، ويسمح لنفسه بوضع مسافة بينه وبين كل مكونات اللغة عن طريق "المعالجة المتأخرة". أي أنه لا يرغم نفسه على الفهم اللحظي لكل شي يتعلق باللغة، كوسيلة تواصل اجتماعية.

 

الطفل يكبر وتكبر معه مكتسباته اللغوية، بحيث أنه حين يعبر لا يستعمل الكلمات فقط، بل مجموعة من التعبيرات المكونة من عدة كلمات يضيف لها بعض الروابط المنطقية. والخطأ أيضاً عامل مهم في تجويد نوعية التعلم بحيث يبرمج دماغه "بنظام الروابط"، ما يساعده على استيعاب ما يجب قوله وخاصة ما لا يجب قوله، على حسب ما تتطلبه وضعية التواصل ويفرضه السياق .

 

الاستماع المكثف لموسيقى أجنبية ومشاهدة الأفلام باللغة المراد تعلمها ومقاطع الفيديو والمقالات والتعابير اليومية ومصطلحات التعاملات البسيطة أفضل بكثير من الانكباب على المراجع والكتب الدقيقة وحفظ القواعد والاستثناءات. الإلمام بالقواعد اللغوية ضروري لمن يرغب في تدريس اللغة وليس لمن يريد تعلمها والتحدث بها .

 

عامل آخر لا يقل أهمية عن ما سبق، التحدث أو تمرين اللسانيات، أي: نظام مخارج الحروف، والذي يختلف من لغة إلى أخرى. لذلك يجب على المتعلم التحدث الارتجالي باللغة الأجنبية ومحاولة إعادة ضبط مخارج الحروف الجديدة، وإتقان التنفس ولحظات الاستراحة، والتحكم في نبرة وحدة الصوت التي تناسب اللغة الجديدة .

 

اللغة هي نتيجة المكتسبات الاجتماعية لمجموعة من الأفراد تحكمهم نفس البيئة ونفس المنظومة الأخلاقية والفكرية. لذا وجب فهم هذه التفاصيل لجعل اللغة المكتسبة حديثاً بعيدة عن صدمة الثقافة والترجمة الحرفية للمصطلحات والمفاهيم، فمفهوم الحرية مثلاً قد يكون عاماً وشمولياً عند الشعوب التي كانت لها السيادة في وقت من الأوقات، ومشروطاً وجزئياً بالنسبة لأخرى كانت لها تجارب قاسية مع هذا الأمر .

 

الوقت الذي تحتاجه لتعلم وإتقان لغة أجنبية أخرى، هو نفسه الوقت الذي يحتاجه طفل للتحدث بطلاقة بلغته الأم. كتب "تعلم اللغة الفرنسية في عشرة أيام بدون معلم" على سبيل المثال، هي التي ستحول دون فهمك لأي شيء يخص اللغة، لأنها ليست معادلة رياضية ستحيط بمتغيراتها في غضون أسابيع .

 

الحل المثالي هو أن تتنفس اللغة الجديدة وتعيش في جوها نفسياً، وتجعل من الممارسة الفعلية لها خبزك اليومي .

 

بقلم الكاتب: حميد بلحسين

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق