About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

الطفل في مجتمع العقد والأمراض

ضرورة احترام الصغير للكبير بدون شروط أو استثناءات، من العادات الاجتماعية التي سكنت قلب المجتمعات المهزومة حضارياً. ولعل مثل هذه المفاهيم المزيفة والمعكوسة من بين الأسباب المنطقية لهزيمتها المستحقة، هذا التصور المرضي عن التقدير والتعظيم نابع من رغبة واضحة في تكريس الخنوع وعدم التمرد أو المسائلة أو الخروج عن إطار العلاقات التي يكتسيها طابع الإكراهات والخطوط الحمراء .

 

الطفل في مجتمع مريض بهوس المثالية الأخلاقية والعذرية السلوكية والفكرية لا يمكن أن ينشأ النشأة السوية التي سيواجه بها العالم، لسبب واضح وصريح وهو الإكراهات والإطار السلوكي السائد في المجتمع القبلي التقليدي، والذي يهدف إلى غلق أبواب التفتح والمناقشة.

الطفل يجبر على احترام من هو أكبر منه بل تعظيمه، بل ويصل الأمر إلى اعتبار تقبيل يد من هو أكبر منك درجة من درجات السمو الأخلاقي والسلوكي
 .

 

الاحترام لمن يستحقه لا لمن يطلبه. اعتبار من هم أكبر منك سناً أهلاً للاحترام والتقدير يجعل منك آلياً أهلاً للتبخيس والتحقير. الصورة النمطية التي نرسمها عن كبار السن تجعلنا نضعهم بدون تفكير في مرتبة الحكماء، ونجعل منهم نصف آلهة، في حين قد يكون هذا المسن الذي تبجله وتلزم نفسك باحترامه أسوأ مثال للإنسان على الأرض، وربما يكون قد اقترف شروراً لم تتخيلها يوماً أنت كصبي في بداية مشواره المعاملاتي والحياتي.

لماذا التقديس إذن؟

نتخيل عبثاً بأن إنزال الكبار منزلة الحكمة والشرف والأخلاق سوف يرسي منظومتنا الأخلاقية المتفاهم عليها، ونتناسى بأنه لا خير في منظومة أخلاقية تجعل من السن معياراً للحكم على نبل الأشخاص من عدمه. كيف لطفل يتعرض لجميع أنواع الاحتقار والإقصاء المباشر والعلني ويحرم من الحق في التعبير عن رأيه بكل صراحة أن يندمج وينخرط في مجتمعه بطريقة سوية دون معوقات نتيجة لكل هذا القمع. إن الخجل، والاكتئاب، والعزلة، والتمرد الحاد، وانعدام الثقة في النفس، وغياب الرغبة في الانسجام وغيرها من الآفات، هي نتائج مباشرة وصريحة للمفهوم المغلوط للاحترام .

 

لا يمكن لطفل نشأ في بيئة موبوءة بجميع العقد النفسية، أن يقارن بآخر كانت نشأته في محيط يعزز ثقافة الاختلاف ويفهم معنى الاحترام غير المشروط.

 

الطفل هو ذخيرة المستقبل لكل الشعوب، يبقى الفرق الوحيد في نوع التعبئة والتهيئة النفسية التي ستؤهل هذا الطفل للانخراط في دواليب الحياة العامة والخاصة في قلب كل مجتمع، هنا تكمن أهمية الثقافة السليمة .



بقلم الكاتب: حميد بلحسين

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق