About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

اللغة وأبعادها الثقافية

غالباً ما يتم النظر للغة باعتبارها وسيلة مباشرة لإنجاح عملية التواصل، وهي التي تلعب الدور المركزي في الاكتشاف والتعريف وتخرين المعارف الجديدة، فاللغة تسمح للمعارف بالظهور والتقلص والتعديل، وتكون موضوعاً للنقاش والجدل الأساسيين لمنحها الشرعية الكاملة ولتأمين صلاحيتها.

اللغة تتيح إسهاب المعارف داخل المؤسسات التعليمية والتربوية، وأيضاً خارج التربية النظامية وبصورة شعبوية مثل الوصفات وطرق استعمال المنتجات وغير ذلك.

تكتسب اللغة أهمية كبيرة حتى عندما لا تكون الوسيلة الوحيدة للتعبير، فعلى سبيل المثال، مجموعة من المعارف تستطيع توظيف أنظمة "سيميائية" ورمزية لا تعتمد كليا على اللغة، مثل الكتابة الرياضياتية، الخطاطات، الإحصاء، لكن هذه المواد تحتاج للغة كمادة للمناقشة والتعليق والحفظ.

تشغل اللغة في غالب الأحيان دور منظم المعارف، لكنها في الأساس هي الفضاء الذي تشتغل فيه التبادلات المسؤولة عن الإنتاج والتحليل المعرفي.

السؤال عن الأبعاد الثقافية للغة سؤال صعب ومركب، خصوصاً حين يتداخل معه مفهوم الهوية اللغوية. 

في أوروبا العصور الوسطى كانت هناك جهود كثيفة لتوحيد الشعوب التي كانت لها خلافات جهوية مع أخرى عن طريق اللغة، وفي القرن التاسع عشر ظهر المفهوم اللغوي كثابت في الانتماء وفي ضمير سكان مجال جغرافي محدد. وقبلها بكثير كانت اللغة تحمل أكثر من ما تستطيع، وأقحمت في اهتمامات أخرى خارجة عن موضوع اللغة مثل السياسة والدين بحيث اعتبرت اللغة من المقدسات التي لا يجب المساس بها كونها المادة الخام للنصوص الدينية، وإكراهات أخرى متعلقة بمجال التدريس وما هو ثقافي محض.

اللغات ليست أنظمة ميكانيكية، بل مجموعة من الموارد التعبيرية المرنة التي تختلف تركيبة المعنى فيها بحسب الظروف والسياق، والترجمة الحرفية دليل واضح على مرونة اللغة وتحايلها، كل اللغات تطورت من لغات هي الأخرى تطورت لتصبح لهجات محلية تختلف من مدينة لأخرى، دون المساس باللغة الأصلية. 

أهمية اللغة تكمن في كونها الأداة الوحيدة التي تضع الأسماء على الأشياء وتميزها عن غيرها، كما أنها تشكل أساساً متيناً للهوية الثقافية للبلدان، فبدون لغة سليمة تصيب جميع أنواع التعبيرات عن الواقع، لا يمكن للشعوب أن تشعر بالانتماء لأنها تفقد جوهر المعاملات الحياتية التي تؤسس للعيش المشترك تحت ظل واقع هوية ثقافية لا يمكن إصابتها إلا من خلال اللغة.

تختلف اللغة الأدبية عن العلمية، وتختلف اللغة الفلسفية عن لغة الاقتصاد والفنون والعلوم السياسية، كُلٌّ حسب مضامين الاهتمام ومحتويات المعالجة.

بقلم الكاتب: حميد بلحسين

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق