About Author
Hesham aboelmakarm
13 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

الأدعية النموذجية .. كيف تضمن استجابة رب الكون لدعائك؟

كيف ندعو الله في هذه الأيام المباركة ؟ ما هي صيغة الدعاء الأكثر أدباً والأضمن في الاستجابة؟ سؤال يلح على الكثيرين في هذه الشهور المباركة، فما هي الإجابة؟

 

أدب الحديث مع الله لا يعني -من وجهة نظري- وجود قوالب جاهزة عليك أن تستعين بها. لا يعني أن نتبادل على التليفونات ومواقع التواصل الاجتماعي صيغاً جاهزة للدعاء، مع شرح لفضل هذا الدعاء -بصيغته تلك- وقدرته على جلب الرزق، ومواجهة الكوارث، وحفظ الأهل والمال والولد. الحديث مع الله ليس له صيغة نموذجية مثل أسئلة الثانوية العامة، وحين أقرأ تلك الأدعية التي نتوراثها منذ مئات السنين، أشعر وكأنني ممثل على المسرح أو أمام الكاميرا، يردد سيناريو مكتوباً سلفاً، ويجتهد لكي يندمج في الدور، ويا حبذا لو بكى أثناء الدعاء، فإن لم يستطع البكاء، تباكى إتقاناً لدوره.

 

الحديث مع الله يمكن أن يكون بأي صيغة، لا تصدق أنه لن يسمعك إذا قلت كلاماً لم يرد على لسان السلف، ولم تسمع إمام المسجد يردده كالببغاء كل جمعة، تحدث مع الله كما تحب، قل له ما تشاء بأي لغة، اطرح شكواك وتحدث عن وجعك، كما لو كنت تحدث أباك، أو أمك، أو صديقك.

 

يروي الأديب إبراهيم أصلان أنه أثناء عمله في هيئة البريد، كان هناك مكان يسمى "المهملات"، يحتوي على الرسائل التي لا تحمل عنواناً دقيقاً، أو الأوراق التي يرسلها النشالون، الذين يعز عليهم ضياع أوراق مهمة من ضحاياهم، مثل البطاقات الشخصية، أو جوازات السفر، والمستندات الرسمية بشكل عام، فيرسلونها في خطابات باسم صاحبها، ويحتفظ بها مكتب البريد حتى يحضر من يسأل عنها، ومن بين تلك المهملات عثر أصلان على خطاب كتبه مواطن مصري عام 1963، وأرسله إلى من؟ إلى الله عز وجل.

 

صيغة الخطاب تقول: "إلى ربنا العزيز، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا مصطفى عبد الوهاب عبد العليم، من بني مزار مديرية المنيا. أنا كنت بشتغل في بلدي شغلة وبعدين رفدونا كلنا، اللي قال لي يا مصطفي اذهب على مصر وانت تشتغل في أي شغلة، فحضرت مصر (يقصد القاهرة)، أنا في مصر أديلي 20 يوم وأنا ببحث عن شغل، ولم ألقى أي شغلة تناسبني، فأرجوك أن تبعث لي أي شغلة، وأنا أشكرك، والسلام عليكم ورحمة الله. أرجو الرد حالاً حالاً حالاً".

التوقيع : مصطفى عبد الوهاب

عنوان مصر : بولاق شركس – حارة المصري – نمرة 22

 

هذا رجل يبدو من لهجته ولغته الركيكة، أنه فلاح أو عامل بسيط، فقد مصدر رزقه وحضر للقاهرة بحثاً عن فرصة عمل، ولما يأس من إيجادها، قرر أن يكتب إلى الله. لا أعتقد أن واحداً في ظروفه وثقافته المحدودة، يمكن أن يقدم على هذه الخطوة من قبيل السخرية، أو الاستظراف. هو رجل فقير لا يمكن أن يضحي بثمن طابع البريد لكي يمارس خفة الظل، ولا يمكن لواحد في ظروفه وبساطة حالة أن يستخف، أو يتجرأ على رب الكون، لكنه -فيما أظن- كان صادقاً وبريئاً، وربما تصور أن خطابة الغريب سيصل إلى من لجأ إليه طالباً العون والرزق، فهل يمكن أن نتخيل أن يعاقبه الله على سذاجته فلا يستجيب لدعائه،وينزل عليه لعنته؟

 

في نفس السياق، يتذكر أبناء جيلي المعركة التي نشبت في الثمانينيات، بين الكاتب الكبير توفيق الحكيم، ومن اتهموه بالتطاول على الذات الإلهية، لأنه كتب سلسلة مقالات نشرتها جريدة الأهرام في ذلك الوقت بعنوان "حديث إلى الله"، وحتى يتجنب الحكيم أذى من يدعون أنهم وكلاء الله في الأرض، اضطر إلى تغيير عنوان المقالات إلى "حديث مع الله".

 

صادقاً أقول لكم: عندما أدعو الله، أحدثه فيما يشبه "الفضفضة"، أحكي له عن خيباتي وهزائمي، أصارحه بأخطائي، بالمعاصي التي ارتكبتها، بأحلامي التي تعاندني، أعترف بضعفي في هذا الموقف أو ذاك، أشكو له صديقاً خذلني، أو حاكماً قهرني، أو صاحب عمل أهانني. أطلب منه أن يعينني على فقري ومرضي وقلة حيلتي، أتقرب إليه بالصدق في المشاعر، والبساطة في القول، وشجاعة الاعتراف بالخطأ والخطيئة، والإقرار بأنني بشر من صنع يديه، خلقني لكي أقاوم ضعفي، وأنا على العهد، أخطئ أحياناً، لكنني أعود إليه، أنسى أو أتكاسل، لكنني أقاوم وأقاوم، هو من خلقني ضعيفاً، وأنا من يقاوم هذا الضعف، حباً فيه، وسعياً إلى رضائه.

 

قولوا لله ما في نفوسكم، فليس بينكم وبينه وساطة، وهو لا ينتظر منكم أدعية نموذجية ترددونها على طريقة إمام المسجد أو الدعاة المشهورين في الفضائيات.

التعليقات
Ahmad - يوليو ١٩, ٢٠٢٢, ٨:١١ م - إضافة رد

❤️

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق