About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

حب أم رغبة في التملك؟

الحب من بين مكتسبات الفطرة الحيوانية والإنسانية، وهو المحرك الأول لوجدان الشعوب، وثمرة الاهتمام وسبيل السعادة المؤقتة الملازمة له، لكن هل يستطيع الإنسان -على سبيل المثال- أن يتجنب تجربة شعور الحب؟ هل هذا الشعور بحد ذاته غاية أم وسيلة لتحقيق الذات والمصالح الشخصية؟ 

 

الحب شعور غريب وفريد وغير مألوف. نحن لا نحب فقط لكي نحب، بل لأننا ملزمون بذلك. أدمغتنا في رحلتها التطورية شكلت مجموعة من التعبيرات عن الاهتمام والرغبة والإعجاب في قالب كبير، لأنه لم يكن بالإمكان توفير الظروف اللازمة لتعايش الأفراد وتأمينهم لحاجياتهم البيولوجية، وتوفير الحماية لأفراد الجماعة بدون عقد روحاني يشعر فيه كل فرد على حدة بأنه مرغوب فيه ومرحب به، لكن الحب لا يستطيع أن يكون في لون واحد. نحن لا نحب أمهاتنا بنفس الطريقة التي نحب بها أبنائنا، ولا نحب إخوتنا كما نحب أزواجنا. تتعدد أوجه الحب بتعدد المصالح الشخصية وباختلاف أساليب التعبير عن ذواتنا ورغباتنا .

 

الحب بين الجنسين، كما يظهر جلياً من خلال هذه التسمية فإنه بحمل وجهين؛ ما هو جنسي وما هو عاطفي. عندما نكون طرفاً في علاقة غرامية أو في علاقة زوجية تحرسها العقود المدنية، نشعر برغبة غير مبررة في التملك، أي في امتلاك الآخر والتصرف فيه. إذ لا يكفي الاعتراف بالحب وتبادل الإطراءات لسد احتياجات الشخص البيولوجية والعاطفية، حتى الممارسة الجنسية لا تكفي لسد هذه الاحتياجات. نحن نريد امتلاك جسد الآخر وفكره وأفكاره. لا نريد فسح المجال لأي استقلالية بين الطرفين، وإلا فما الهدف من الالتزام المدني والاجتماعي والأسري إن لم يكن هناك تملك متبادل؟ 

 

نحن لا نقع في حب الآلة، لأن الآلة قابلة للبرمجة، ما نحبه عند الآخر هو الحرية في الاختيار، فالآخر قد يحبني أو لا يحبني، وبما أن هذين الخيارين متاحان بالتساوي فإن خيار الحب يضفى عليه كل القيمة والمعنى، ولا نريد أن يكون الحب إجبارياً أو نابعاً من إكراهات خارجية .

 

في حالة الزواج مثلا، يتعهد الطرفان أمام الجهات الرسمية المكلفة بأن يحب أحدهما الآخر مدى الحياة، لكن ماذا يعني هذا الحب الذي يحتاج إلى عقد؟ ولماذا يجعل الإنسان دولته طرفاً في علاقة مع شخص آخر؟ ما قيمة أن تحب الآخر فقط لأنك وعدت بذلك؟ 

 

نستطيع التعهد بالبقاء مخلصين في العلاقة، لكن يستحيل التعهد بحب الآخر مدى الحياة، لأن الحب ليس شيئا نملك أدوات التحكم فيه مثل القرارات الأخرى. هنا تكمن كل المشكلة، إذ أن الشعور الذي يفترض به أن ينتشل المرء من الإكراهات هو الذي يقوده إلى الإكراه الموثق والموقع، وهذا هو كل التناقض.

  

بقلم الكاتب: حميد بلحسين 

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق