باكستان تغرق والمجتمع الدولي يدق ناقوس الخطر

شهدت باكستان في الأشهر الثلاثة الأخيرة أمطاراً شديدة الغزارة لم تشهد البلاد مثلها منذ وقت طويل لتتجمع السيول وتجتاح البلد وسط ذعر كبير من السكان .

درجات الحرارة العالية التي عرفها البلد والتي كانت الأعلى في العالم في الأشهر التي سبقت الكارثة، أدت إلى  تكون منخفضات جوية عالية الضغط وتشكلت سحب شديدة الكثافة، ما يفسر الغزارة الكبيرة للتساقطات المطرية .

انهار فندق نيو هوني مون، أكبر فندق في وادي الكلام، والمكون من 150 غرفة يوم الجمعة 26، وغدا مثل منزل من الورق في ثوانٍ، ابتلعه نهر سوات الذي يمر عبر مقاطعة "خيبر بختونخوا" في جبال الهيمالايا التي اجتاحتها الفيضانات. عشرات المنازل والمساجد والجسور عانت من نفس المصير، نصف باكستان مغمورة تحت الماء. أصبحت الممرات المائية وحوشًا من الطين تحمل كل شيء في طريقها، المباني والمنازل والجسور والحقول، والرجال والنساء الذين لم يتمكنوا من الفرار في الوقت المناسب.

فيما أعلنت حكومة رئيس الوزراء شهباز شريف حالة الطوارئ يوم الجمعة وطلبت المساعدة من المجتمع الدولي، وتم نشر الجيش بسبب الوضع الكارثي في البلاد، إذ بلغ عدد الوفيات أكثر من 1000 حالة وفاة منذ شهر يونيو الماضي، وتم تدمير مليون منزل و80 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، وأصبح ملايين الناس بلا مأوى ولا طعام ولا ماء للشرب، ونفق أكثر من 800 ألف رأس من الماشية. ومن الواضح أن الميزانية العامة متضررة بشكل بالغ الخطورة، حيث لم يتم إنقاذ أي من المقاطعات الأربع، حتى لو كانت العاصمة إسلام أباد محمية في الوقت الحالي من سوء الأحوال الجوية، فقد قدرت وزيرة التغير المناخي شيري رحمن أن 33 مليون شخص قد تضرروا، أي: واحد من كل سبعة أشخاص. ووعدت الحكومة بتقديم 25 ألف روبية (113 يورو) لكل أسرة متضررة .

وقد أعزى البعض سبب الضرر الكبير الناتج عن السيول إلى ضعف البنية التحتية والتماطل في إخلاء المناطق المهددة من السكان، وتأخر وصول أسطول الإنقاذ من معدات وأجهزة وموارد بشرية.

بالنسبة لشريف شهباز، رئيس الوزراء الباكستاني، فقد صرح في خطاب مؤثر ومرعب بأن تعريف الأمن القومي قد تغير كلياً تزامناً مع ما يحدث بسبب التغيرات المناخية المهولة، وما لم يجتمع قادة العالم ويتصرفوا الآن وفقًا لأجندة دقيقة ومدروسة وبكل ما يقتضيه الأمر من حزم وجدية، فلن تكون هناك أرض للتفاوض عليها مستقبلاً، كما شدد على ضرورة محاسبة الملوثين الرئيسيين وفرض معايير جديدة للتصنيع والتدوير واستغلال الموارد البيئية بالشكل الصحيح، وتنزيل المقترحات العقلانية بأسرع وقت، مشيراً إلى أن ما حدث بباكستان ماهو إلا نبذة مصغرة وبداية صغيرة لمآسي كبيرة مرتقبة لا محالة في جميع أنحاء العالم بدون استثناء، إذا استمر التواطؤ مع هذا النوع من الاستهتار من طرف المنظمات العالمية.