أمّا عن هذا الصباح فإنني أعلنه يومًا عالميًا للشاي (كما هو الحال في كلِّ يوم). وأنا بذلك ربما أرد القليل من المعروف الذي لطالما قدمته لي تلك الأكواب الكثيرة التي تروي ظمأ الحياة داخلي كلما احتجتها. يفعل الشاي فعل السحر بي، بداية من لحظة وضع الماء على النار، حتى رش حبات السكر التي تتساقط من المعلقة كحبات الكريستال، إلى اللون البني الساحر الذي يتخلل الماء بعد وضع كيس الشاي فيه، ولن يكون عادلًا أبدًا أن نغفل عن رائحة أوراق النعناع، والسحر الذي تكتبه لدفعنا لتناول مزيد من هذا المشروب السحري.
أصحو كلَّ يومٍ في عجلة وتوتر وحالة من الفوضى العارمة، أظل أتخبط هنا وهناك دون إدراكٍ للوقت، أي أن حياتي تكاد تكون مثالًا على الشفقة. تظل السماء معتمة ويبقى الكون خالياً من الحياة، حتى تصل إلى قلبي رسائل اطمئنان مفادها أن الشاي جاهز، وبذلك يكون الصباح عندي مقترنًا بإعداد الشاي لا بظهور الشمس، فكما يقال: يشرق يوم العاشق برؤية حبيبه.
لم أعلم السبب وراء رغبتي في جعل هذا اليوم يومًا استثنائيًا، بداية من تكراري لجلسة الشاي في أقل من ساعتين، وتلذذي بطعم كعكة البرتقال التي حضرتها أمي ورائحتها الفواحة الزكية، إلى محاولتي للبقاء مستيقظة رغم شعور الكسل الذي كان يشدني لأخذ غفوة لست أدرك مدتها. الكثيرٍ من الأشياء التي تحدث حولي والتي يسودها الهدوء الجميل الذي ألهمني لكتابة هذه السطور لمدح رقة ولذة الشاي. لن أكسر فضولكم، بل سأخبركم أنه لابد من وجود أيامٍ مكدرة وأحاسيس غير مفهومة ترافقني بين الحين والآخر، وإن ظننتم أن نظام حياتي يسوده الهدوء فسأنفي ذلك بكل بساطة.
إنني أنا من أقرر نظام الحياة التي أعيشها، ولقد أخذت على نفسي عهداً بأن لا أسمح للحياة بأن تجبرني على التخلي عن حبي للهدوء وسيادته على جميع المواقف جميلها وقبيحها، جيدها وسيئها، وإنني لن أترك ذلك الأمر لأن هذا أنا بكل بساطة، حيث أنني أحب السلام، ولتحقيق ذلك لابد من قيامي بترويض النفس المتأججة داخلي، ثم أنقل لهذا العالم جوهرة العيش في سلام خطوة خطوة بطريقة صحيحة وبسيطة.
وبما أنه اليوم العالمي للشاي كان لابد لي من العودة إلى جلسة الشاي التي أعددتها قبل أن يبرد شرابي أو يجف الكعك، وأمّا عن كلماتي فهي لكم وسطور حكايتي تحلو برؤية أعينكم لها.
هناء أسامة
يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق