قطر: مكسب سياسي في هزيمة كروية

قطر أمام الإيكوادور:

أول هزيمة بثنائية للمضيف في تاريخ بطولات كأس العالم. للوهلة الأولى، قد يبدو الأمر مزعجاً ومخجلاً، فما قدمه المنتخب القطري في مباراته مساء أمس ضد منتخب الإيكوادور في المباراة الافتتاحية لا علاقة له بأبجديات كرة القدم، مجموعة غير متناسقة، محاولات جد خجولة للوصل لمرمى الخصم، أخطاء في التمرير والاستلام والتمركز، انعدام تام للحس الهجومي.

الهزيمة المستحقة لمنتخب قطر أمام الإيكوادور مجرد حدث ثانوي يمكن تداركه في المباريات القادمة، بغض النظر عن نتيجة المباراة، قطر أرادت أن تنتصر في المدرجات، في الشعارات والرسائل المشفرة والصور المقدمة.

في الكلمة الافتتاحية، عبر أمير قطر عن سعادته البالغة لكون قطر أول بلد عربي يحتضن أكبر تظاهرة رياضية في العالم، مشيراً إلى أن قطر ستعمل على توفير جميع الوسائل لإنجاحها، وأنها ستجعل احترام الإختلافات العرقية والدينية والثقافية من أولوياتها، سواء للجماهير الحاضرة في الملاعب أو حول الشاشات الضخمة أو تلك التي تشاهد كأس العالم في جميع أنحاء العالم.

على منصة الشرف، وفي مدرجات ملعب "البيت"، وقف الشيخ تميم بن حامد آل ثاني الأب الجديد للأمة القطرية، بجانب حاكم المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان ورئيس الفيفا گياني إنفانتينو.

قطر لا تراهن فقط على بنيتها التحتية وبناياتها الإعجازية:

الأمير محمد بن سلمان حاكم المملكة العربية السعودية منذ توليه حكم واحدة من أقوى الدول في الشرق الأوسط سنة 2017، لم يكن صديقاً جيداً لقطر بسبب نجاحات هذه الأخيرة المتتالية: نادي باريس سان جيرمان، موافقة الفيفا على تنظيم كأس العالم في قطر، الغاز القطري، والريادة القطرية في الساحة العالمية، لذا قام بحظر شامل لقطر وأنهى معها جميع العلاقات الدبلوماسية، لدرجة أنه فكر في التخلص من المخلفات النووية في الأراضي القطرية، أجواء مشحونة وقرارات جاءت لممارسة الضغط وجعل قطر تدخل في خط السياسة الخارجية لمحمد بن سلمان.

مناسبة الحفل الافتتاحي لبطولة كأس العالم في قطر كانت الفرصة المناسبة للتصالح ولتقديم صورة أفضل عن العلاقات القطرية السعودية، تميم حامد آل ثاني جنباً إلى جنب مع محمد بن سلمان في مشهد غير مألوف، تحت تغطية جميع الصحف العالمية وتحت أنظار ملايين المشاهدين.

المونديال ليس فقط لكرة القدم:

والمدرجات ليست فقط للجمهور، هذا ما فعلته قطر مساء أمس بعد أن جعلت من طيلة فترة الاستعداد للمونديال مناسبة رسمية للترويج للدولة القطرية وإمكانياتها الإقتصادية المهولة، جعلت منصة الشرف في مدرجاتها المنبر الأول للمناورات السياسية والجيواقتصادية محلياً وعالمياً. ففي وقت التراجع الأمريكي والانسحاب الصيني والجنون الروسي، أرادت قطر بمعية جارتها أن ترسل رسالة على المباشر للعالم مفادها بأن الأنظمة البيترومينية تستطيع أن تكون على رأس النظام العالمي الجديد.