About Author
ZARAE CINE
27 followers

أحدث المقالات
مارس ٢٥, ٢٠٢٤, ١٢:٤٦ م - حنين الجوهرى
مارس ٢٢, ٢٠٢٤, ١:٢٤ م - خديجة الوصال
مارس ٨, ٢٠٢٤, ١:٢٠ م - علي خريسات

هيجل وماركس، فلسفة التاريخ

الفلسفة الحقيقية للتاريخ ليست دراسة المراحل والحقب الزمنية، إنما دراسة البعد الإنساني، أي التأثير الأساسي للكائن البشري في السيرورة التاريخية للأحداث، الذي يشكل لدى الفلاسفة عنصراً أساسياً لفهم التاريخ وجعله مادة للتفكير والمراجعة.

 

يعتبر هيجل الحدث التاريخي عقلانياً، "كل ما هو حقيقي فهو عقلاني، وكل ما هو عقلاني فهو بالضرورة حقيقي".

العقلانية ومفهوم الحقيقة هما تعبيران مختلفان لنفس الشيء، لذلك لا يمكن تجزئة الحدث التاريخي لأنه تعبير واحد للحقيقة التاريخية. هناك تصالح كبير بين ما هو حقيقي وما حدث تاريخياً، لا يمكن تخيل كذب الأحداث الكبيرة المحددة لمسار التاريخ لأن الكذب حيال المسار سينتج عنه عدم اتساق، وسيشكل فوضى كبيرة على مستوى استنتاجات الأجيال القادمة. الأحداث تنتج أفكاراً والأفكار تنتج بدورها أحداثاً، هذا التوافق بين الحدث والفكرة هو ما يميز نظرة هيجل للتاريخ الإنساني.

 

ينطلق هيجل من طبيعة التغيرات في الأحداث التاريخية ليرسم نظرته عن مفهوم المنطق في الأحداث، إذ يعتبر كل تجليات التاريخ مجرد منطق إنساني وكوني. كل الإمبراطوريات والصراعات والتسابق نحو السلطة والإبادات والحروب وفوضى المصالح ما هي إلا قوانين كونية نشأت من الوعي الإنساني بذاته، وبالتنافسية التي تعتبر نظاماً عالمياً وكونياً.

 

كارل ماركس لا يعتبر هذا التعقيد المجتمعي والوعي الإنساني ودوره في السيرورة التاريخية للأحداث ولمحطات التاريخ، بل يقتصر مفهومه عن التاريخ بالاقتصاد، إذ يعتبر الاقتصاد عاملاً أساسياً في التغيرات والتجديدات المستمرة للمحطات الزمنية والمكانية، فالمنظومات الاجتماعية تتشكل بناء على التنظيم الاقتصادي والإنتاجي، ولولا هذان العاملان لما تأسست التجمعات البشرية الأولى، ولما شهدنا هذا التلاحم الكبير الذي تؤطره المصلحة المادية الكبرى. هذا البعد الاقتصادي تبنى عليه كل مظاهر الحياة الاجتماعية بين الأفراد، ما يفرض استمرارية التعامل البشري بهدف تعميم المصلحة، وبالتالي التأثير على السيرورة العادية للأحداث التاريخية، بل يعتبرها أصل الأحداث والتطورات وكل مظاهر الارتسامات التاريخية على مر الأزمان. قوانين ماركس المادية التي تسري على التاريخ الإنساني تتنافى كلياً مع النظرة الكمالية لفلسفة هيجل عن التاريخ.

 

دراسة التاريخ فلسفياً تعيد النظر في نظام القياس الزمني المحض للزمان والمكان، وتلغي النظرة التسلسلية التي تجعل من التاريخ مجرد تواريخ وأحداث جامدة، لتجعل من مفهوم التاريخ نفسه محط تساؤل وتفكير بدون قيود الزمان والمكان والتواريخ .



بقلم الكاتب: حميد بلحسين

التعليقات

يجب تسجيل الدخول لإضافة تعليق